إن للنفس الإنسانية حرمةً -بعد حرمة الدين- لا تدانيها حُرمة، والإنسان من أعظم مخلوقات الله تعالى، فهو مخلوقُ مكرّم، جعله الله خليفةً في الأرض؛ فأسجد له ملائكته، وأعطاه مقوّمات الخلافة لعمارة الحياة، والتي من أهمّها: قوّته؛ وأمنه الصحي.
ولقد عُنيت الشريعة الإسلامية بالنفس البشرية عنايةً فائقة، وأوْلَتها أهمية عظمى، حيث جعلت المحافظة عليها من المقاصد الضرورية التي يجب على الإنسان المحافظة عليها، وشرعت من الأحكام ما يجلب المصالح لها، ويدفع المفاسد عنها، وذلك مبالغة في حفظها وصيانتها، ودرء الاعتداء عليها، لأنه بتعريض الأنفس للضياع والهلاك يُفقد المكلّف الذي يتعبّد لله سبحانه وتعالى، وذلك بدوره يؤدي إلى ضياع الدين.
وفي المقابل حذّرت كل التحذير من إيقاع النفس في مواطن الهلاك، فقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:196]. فمن الواجبات الشرعية على كل إنسان في حق نفسه:
- أن يتعاطى من المأكل والمشرب والمسكن ما يحفظ وجوده على الوجه الذي يكون به قويًا لأداء مهامه في الحياة، وكل تقصير في ذلك يؤدي إلى خلل في ذلك الأداء يبوء صاحبه بإثمه.
- أن يدفع عنها كل الأسباب التي تؤدي إلى النيل منها بالوهن والضعف والهلاك، كالأخذ بأسباب الصحة والوقاية من الأمراض قبل حدوثها والأوبئة قبل انتشارها، وذلك بالمحافظة على الطهارة والنظافة والبعد عن الوسخ والقذارة، والأخذ بما يوصي به أهل الاختصاص للتوقّي من الأمراض والأوبئة. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الاختلاط بأهل المرض المعدي؛ فقال: (فرَّ من المجذوم كما تفرّ من الأسد) [رواه أحمد]
- يسعى في طلب علاجها إذا وقع عليها ما يؤدي إلى تلفها وهلاكها. ومن الواجبات الشرعية على كل إنسان في حق نفس غيره:
- أن لا يتسبب فيما يؤدي إلى قتلهم وإزهاق أرواحهم.
- في حال أصيب بداءٍ معدٍ عليه أن يلتزم بإجراءات العزل؛ حتى لا يتسبب في نقل العدوى إلى غيره.