بيت الله الحرام المعظم منح لا محدودة

الدين الإسلامي قائم على اليسر والسماحة ورفع الحرج عن الناس، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج:78)، فلم يكلفنا الله إلا بما نطيق، ولم يأمرنا لا بما نستطيع.

ومن سماحة الشريعة أن الله تعالى يضاعف أعمال العباد، فيضاعف الحسنة إلى عشر أمثالها، ويجازي السيئة بمثلها ولا يضاعفها؛ رحمة بعباده وترغيبا لهم في الخير، قال سبحانه: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُون} [الأنعام:160].

ومن أعظم المنح الإلهية أنه تبارك وتعالى تفضل على عباده بأن جعل لهم في بلده الحرام بيتا عظيما، وجعله معلما للهدى ومصدرا للبركات، قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين} [آل عمران: 96]. وأوجب على المستطيعين حج هذا البيت مرة واحدة في العمر، وجعل في قصد هذا البيت المنح العظيمة، والبركات الجليلة، فلم يرض أن يكون لقاصد البيت الحرام ثواب إلا الجنة ومغفرة الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [البخاري ومسلم]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) [البخاري ومسلم]، وجعل هذا البيت قبلة للمسلمين في الصلاة أينما كانوا، فقال عز وجل: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144] وجعل الصلاة عند هذا البيت وما حوله من الحرم تضاعف إلى مائة ألف صلاة، قال صلى الله عليه وسلم: (وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه) [أحمد وابن ماجه وصححه الألباني].

وقد جعل الله سبحانه قلوب العباد تحنّ وتشتاق لهذا البيت، وتنجذب إليه أعظم من انجذاب الحديد للمغناطيس؛ لأنه بيت خالقهم، الذي يتوجهون إليه في صلواتهم، فهم ينفقون أنفس ما يملكون، ويتعرضون للمخاطر من أجل بلوغ بيت ربهم، ومن لم يستطع منهم الوفود إليه بنفسه فإنه يقصده بقلبه، ويعزم على ذلك بنيّته، والله تعالى يعطيه ثواب من قصده ببدنه؛ تفضلا منه وإحسانا، ورحمة وتيسيرا على عباده.

وكل هذا من بركات هذا البيت المعظم، وعوائده الجليلة على العالمين..

منصور رشيد الباحث بمشروع تعظيم البلد الحرام

تشاركنا المعرفة فلنتشارك الأثر .. اكتب لنا لترقى بنا

كود امني
تحديث