قد جعلت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- خدمة بلد الله الحرام، وتقديم الخدمات للوافدين إليه من أولى اهتماماتها، حيث كان لها عبر تاريخها سجل حافل بالإنجازات في خدمة الحرم المكي الشريف وتوسعته، ورفده بأنواع الخدمات التي يحتاجها الزوار والمعتمرون، بالإضافة إلى توفير كافة سبل الأمن والراحة والمواصلات، وغيرها مما يحتاجه ضيوف الرحمن من الزوار والمعتمرين.
فكانت تلك المشاريع الجبارة والتوسعات الكبيرة التي شهدها الحرمان الشريفان أحد الشواهد الحاضرة على ما قدمته المملكة وملوكها لخدمة بلد الله الحرام والوافدين إليه.
وفي هذا العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- يتواصل الاهتمام والمتابعة منه شخصياً لتذليل كافة العقبات في سبيل عمارة الحرمين الشريفين وسهولة الوصول إليهما وتوسعتهما؛ ليؤدي حجاج ومعتمرو وزوّار مكة والمدينة مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان واطمئنان.
ويتجلى ذلك من خلال الآتي:
1-أمره -حفظه الله- بإكمال جميع التوسعات في الحرم المكي؛ والتي بدأت في عهد الملك عبدالله -رحمه الله تعالى-.
2- توجيهه بالإفادة من المساحات التي تم الانتهاء منها من مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لتوسعة المسجد الحرام، وذلك لما يشهده المسجد الحرام من إقبال كثيف من المعتمرين والزائرين في ظل تنفيذ أعمال المرحلة الثالثة والأخيرة من مشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف.
3- تدشينه حفظه الله في 24 رمضان سنة 1436هـ خمسة مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام بمكة المكرمة، تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق، ومبنى الخدمات، والطريق الدائري الأول.
4- أمره -حفظه الله- في سنة 1437هـ بتجديد رخام الشاذروان وجدار حِجْر الكعبة الشريفة.
5- موافقته -حفظه الله- في بداية صفر سنة 1439هـ على بدء العمل في مشروع تأهيل بئر زمزم، وقد تم الانتهاء منه قبل شهر رمضان المبارك من العام نفسه.
6- أمره -أيّده الله- في 17 رمضان سنة 1439هـ بإنشاء الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة؛ وذلك للارتقاء بالخدمات المقدمة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بما يتناسب مع قدسيتها ومكانتها، ويسهل خدمة ضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين.
7- افتتاحه -حفظه الله- في 15 محرم سنة1440هـ قطار الحرمين الشريفين السريع؛ كإنجاز جديد وهدية أخرى تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية لضيوف الرحمن، عبر قطار الحرمين السريع المجهز بأفضل وسائل الراحة، وفق أحدث نظم النقل العالمية، ويربط بين منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة بطول 450 كم، ويتكوّن من خط حديدي كهربائي مزدوج يقطع المسافة بينهما بسرعة 300 كلم في الساعة، مختصراً المسافة بينهما إلى أقل من 150 دقيقة.
هذا؛ ولا يخلو أيّ مجلسٍ أو اجتماعٍ حكوميٍّ يترأسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- من كلماته وتوجيهاته في العناية بالحجاج وخدمة الحرمين الشريفين، وتسهيل كل الإجراءات التي تيسّر على الحجاج والمعتمرين أداء مناسكهم؛ حيث يحرص على تفقّد المشاريع الضخمة واستمرارها وسرعة إنجازها لتوضع في خدمة الحجاج.
وأما وليّ عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- فقد جعل الارتقاء بالخدمات في البلد الحرام أحد أهمّ الركائز الأساسية التي تقوم عليها رؤية المملكة 2030م، فقد ورد في أحد فقرات وثيقة برنامج خدمة ضيوف الرحمن التي تضمنتها الرؤية؛ أن دور هذا البرنامج يتمحور حول إحداث نقلة نوعية في خدمة ضيوف الرحمن من خلال تعزيز التكامل وتنسيق جهود جميع الجهات العاملة على خدمة ضيوف الرحمن، كالجهات الحكومية والقطاعين الخاص وغير الربحي، وفتح آفاق واسعة لنطاق أكبر من الخدمات التي يمكن أن يتشرّف بتقديمها الأفراد والمنشآت، ويضع البرنامج في أولوياته تكامل منظومة الخدمات بما يحقق أهدافه وتيسير رحلة الضيف من لحظة تخطيطه للرحلة مرورًا بأداء النسك وحتى مغادرته.
وتتويجًا لجهود الدولة في خدمة بيت الله الحرام وقاصديه؛ جاء قرار الحكومة بإغلاق المسجد الحرام مؤقتًا، وتخفيض أعداد حجاج عام 1441هـ كإجراءٍ احترازي حفاظًا على الإنسان في أطهر مكان؛ وحرصًا على بقاء بيئة الحرمين الشريفين خالية من الأمراض والأوبئة؛ ما كان له أبلغ الأثر في أداء وفد الرحمن نسكهم بسلام وأمان.
تأتي العناية بالحرمين الشريفين من لدن هذه الحكومة -وفقها الله- إدراكًا منها لواجبها تجاههما، وإيمانًا منها بأثر تلك العناية في تحقيق الأمن والأمان العالمي، كيف لا؛ ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال هذه الأمة بخير ما عظّموا هذه الحرمة حقّ تعظيمها، فإذا ضيّعوا ذلك؛ هلكوا) [رواه أحمد، وحسنه ابن حجر].
ونحن إذ نعيش مناسبة ذكرى اليوم الوطني 90 للمملكة العربية السعودية؛ فمن جميل العرفان التذكير بتلك الجهود والإنجازات؛ التي تُذكر فتُشكر.
الباحث بمشروع تعظيم البلد الحرام