وأنــتَ تسعى بين الصفا والمرْوَةَ تَذَكَّر(ي) أنّه إذا أحاطت بك في حياتك الشخصيّة أو المجتمعيّة المخاطر من كُلِّ جانب وانعدمت خيارات الفعل وزيّن لك الشيطان اليأس والقنوط، أنّ الله يُكـرِمُ عبادَهُ الصالحين الطاهرة سرائرهم المُخلصة قلوبهم الذين يوقنون بأنّ الله كافٍ عباده وأنّه لن يُضَيِّعَهُم.
ففي قصّة هاجر عليها السلام زوْج الخليل إبراهيم و أُمُّ النبيِّ إسماعيل عليهما السلام، عبرة لأُولي الألباب من زوّار بيت الله الحرام وبلده المعظّم، ونموذجٌ للإقتداء في كلّ الأزمان.
إمْرَأةٌ تحرّرت من الشرك إلى الإسلام، وطهّرت قلبها من كلّ ما عَلِقَ به في بيت الملك الجبّار الذي خدمته، وأطاعت زوجها بالهجرة إلى واد لا ضرْع فيه ولا زرْع ولا ماء، وامتثلت لأمر الله عزّ وجلّ، والتزمت بالوفاء له إجـلالاً لله الذي قالت عنه بيقين ” إنّه لن يُضيّعنا”.
سَيُّدةٌ كافأ الله حُسـْنَ ظنّها بالله، والتزامها بأوامره، و تطهيرها قلبها وبيتها والمكان المعظّم الذي أُودعت فيه، بأنْ جعل فعلها جزءًا من العبادة فعبَّد به الرجال والنساء إلى يوم القيامة، وَبَارك ماء زمزم الذي تفجّر بفضل حفر سيّد الملائكة جبريل عليه السلام الأرْضَ بعقبه. ورفع مقامها بأنْ خلَّد إسمها وجعل لها تأثيرًا في المكان عبادةً و عُمْرانًا وبَرَكَةً، تأثيرٌ ابتدأ بفضل اقتدائها بسنَّةِ الخليل إبراهيم، وترسَّخَ مع خاتم النبيّين الذي أرانا مناسكنا وثبّب سنّة إبراهيم عليه السلام، ليغدو ما قامت به هاجر جزءا من سنّة الخليلين التي على كلّ مسلم أن يسير على خطاهما حتّى يفوز في الدارين عبر تحقيق مراد الله من خلقه.
و تحقيق مراده عزّ وجلّ لا يكون إلاّ بابتغاء الإسلام دينًا. وأوّل المسلمين الخليل إبراهيم وخاتم الأنبياء الذي أكمل الله به الإسلام وأتمّ به نعمته الرسول محمّد صَلّى الله عليه وسلّم.
فالسيْر على خطاهما واجب، وتعظيم المكان الذي عظّماه وطهرّاه إجلالاً وإلتزامًا بأمره سبحانه وتعالى الذي اصطفى البلد الحرام ميزانٌ للإيمان .