تتميّز الكعبة بيت الله الحرام عن سائر بقاع الأرض وبلاد الدنيا، بأنّها المكان الوحيد الذي خصّه الله عزّ وجلّ في كتابه بخصيصة الهدى. قال تعالى:” إنّ أوّل بيت وُضِع للناس للذي ببكّة مباركًا وهدى للعالمين “(آل عمران، ٩٦)، فالله يخلق ما يشاءُ ويختار، وقد اختار مكّة وحرّمها وعظّمها يوم خلق السماوات والأرض. والله – كذلك – يصطفي ويجتبي من البشر والأزمان والأمكنة، واصطفاؤه كان لبلده الحرام الذي خصّه بالهداية.
فهداية التوفيق لله وحده. أمّا هداية الدلالة والإرشاد والبيان فهي لكلام الله ( القرآن)، ولرسوله محمّد صَلّى الله عليه وسلّم من خلال أقواله وأفعاله وتقريره، وهي كذلك للمكان المجتبى بلده المعظّم والمعلومة حدوده بالأعلام.
إنّ البيت الحرام يُرشد الناس في هذه الدنيا ويهدِيهم إلى المعتقد الصحيح. وفي الكعبة من الآيات البيّنات مايدُلُّ على وجود ربّنا العظيم وعلى كمال صفاته وجلال أسمائه. فالله هو القويّ القاهر، والكلّ يرى تجسّد آياته الكريمة المتمثّلة في تطلّع القلوب وعطفها وحبّها وشوقها إلى هذا المكان الذي اصطفاه، وذلك على مرّ الحقب والأزمان دون انقطاع.
وإنّنا نرى أثر اسمه الحفيظ في حفظه لبيته المعظّم، فكم من بيوت الدنيا هدمت، وبقي البيت الحرام محفوظًا بفضله سبحانه وتعالى.
والبلد الحرام والمعظّم هدايةٌ للناس في الأعمال، من خلال ما ارتبط بالبيت من أعمال عظيمة هي من أركان الدين.
فالصلاة، وهي شعيرة الإسلام العظمى، لا تصُحُّ إلاّ بالتوجّه إلى هذه القبلة.
والحج أحد أركان الإسلام العظيمة لا يكون إلاّ في هذه الأماكن المقدّسة.