الحجُّ إلى بلد الله المعظّم وبيته المُحرّم عودةٌ ومثابةٌ للأصل، وحفاظٌ على الدين، وقيامٌ للدنيا والحياة حتى لا تزولا.
فقاصد البلد الحرام، هو في الأصل، يعود إلى المكان الذي أخذ الله فيه الميثاق من ذريّة آدم وأشهدهم بأنّه ربّ العالمين.
والوافد يجد نفسه مطمئِنًّا ومستأنسًا بالبلد الذي يشعر في أعماق نفسه أنّه يعرفه وزاره من قبل. وذلك معنى من معاني الأمان أو الأمن النفسي. لأنّ الوافد يحلُّ بأرضٍ له فيها عهد وميثاق.
وربُّ العزّة جلّ جلاله يحفظ عباده الذين أوفوا بالعهد وجاؤوا ليجدّدوه، ويكافِئُهم بأن يجعل نفوسهم راضية مطمئِنّة.
أمّا ساكن البلد المحرّم فيرى وفد الله ضيوفَ الرحمن سواء معه في الإنتساب إلى هذا المكان الذي عظّمه ربّ العزة يوم خلق السماوات والأرض.
الحجُّ إلى بيت الله المحرّم ليس إغترابًا عن الأهل والوطن، وإنّما هو عودةٌ إلى الأصول حيث يستعيد الحاج لحظات العهد الذي قطعه أمام خالق السماوات والأرض ، ويؤكد أمام الله ونفسه والعالم أنّه لايزال يتذكّر ولم ينـْسَ الميثاق وأنّه ملتزم بتجديده، وأنّه عازم على تطهير نفسه ممّا علق بها حتّى يتزوّد بما يُمكِّنه من تحقيق مراد الله في خلقه.